| السيره النبويه الشريفه | |
|
|
كاتب الموضوع | رسالة |
---|
~عطاء غانم~ .::المدير العام::.
مشاركاتي : 759
| موضوع: السيره النبويه الشريفه الثلاثاء يناير 19, 2010 8:09 am | |
| بسم الله الرحمان الرحيم ..
نسبه
لنسب النبي ثلاثة أجزاء : جزء اتفق على صحته أهل السير وهو إلى عدنان وجزء اختلفوا فيه مابين متوقف فيه وقائل به ، وهو ما فوق عدنان إلى إبراهيم عليه السلام ، وجزء لا نشك أن فيه أموراً غير صحيحة ، وهو ما فوق إبراهيم إلى آدم عليهما السلام ، وهاك تفصيل تلك الأجزاء الثلاثة :
الجزء الأول
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب _ واسمه شيبة _ بن هاشم _ واسمه عمرو_ بن عبد مناف _ واسمه المغيرة _ بن قصي _ واسمه زيد_ بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر _ وهو الملقب بقريش وإليه تنتسب القبيلة _ بن مالك بن النضر _ واسمه قيس _ بن كنانة بن خزيمة بن مدركة _ واسمه عامر_ بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان .
الجزء الثاني
ما فوق عدنان وعدنان هو *** أد بن هميسع بن سلامان بن عوص بن بوز بن قموال بن أبي عوام بن ناشد بن حزا بن بلداس بن يدلاف بن طابخ بن جاحم بن ناحش بن ماخي بن عيض بن عبقر بن عبيد بن الدعا بن حمدان بن سنبر بن يثربي بن يحزن بن يلحن بن أرعوي بن عيض بن ديشان بن عيصر بن أفناد بن أيهام بن مقصر بن ناحث بن زارح بن سمي بن مزي بن عوضة بن عرام بن قيدار بن إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام .
الجزء الثالث
ما فوق إبراهيم عليه السلام ، وهو *** تارح _ واسمه آزر _ بن ناحور بن ساروع _أو ساروغ _ بن راعو بن فالخ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح _ عليه السلام _ بن لامك بن متوشلخ بن أخنوخ _ يقال هو إدريس عليه السلام _ *** يرد بن مهلائيل بن قينان بن آنوشة بن شيث بن آدم عليهما السلام .
| |
|
| |
~عطاء غانم~ .::المدير العام::.
مشاركاتي : 759
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه الثلاثاء يناير 19, 2010 8:10 am | |
| ارجو عدم الرد ( الموضوع لن ينتهي بعد )
الأسرة النبوية
تعرف أسرته بالأسرة الهاشمية _ نسبة إلى جدة هاشم بن عبد مناف _ وإذن فلنذكر شيئاً من أحوال هاشم ومن بعده . 1
- هاشم _ هو الذي تولى السقاية والرفادة من بني عبد مناف حين تصالح بنو عبد مناف وبنو عبد الدار على اقتسام المناصب فيما بينهما ، وهاشم كان اسمه موسراً ذا شرف كبير ، وهو أول من أطعم الثريد للحجاج بمكة ، وكان اسمه عمرو فما سمي هاشماً إلا لهشمة الخبز، وهو أول من سن الرحلتين لقريش ، رحلة الشتاء والصيف ، وفيه يقول الشاعر: عمرو الذي هشم الثريد لقومه قوم بـمكة مسنتين عجـاف سنت إليه الرحـلتان كـلاهما سفر الشتاء ورحلة الأصياف
ومن حديثه أنه خرج إلى الشام تاجراً ، فلما قدم المدينة تزوج سلمى بنت عمرو أحد بني عدي بن النجار وأقام عندها ، ثم خرج إلى الشام _ وهي عند أهلها قد حملت بعبد المطلب_ فمات هاشم بغزة من أرض فلسطين ، وولدت امرأته سلمى عبد المطلب سنة 497م ، وسمته شيبة لشيبة كانت في رأسة وجعلت تربيه في بيت أبيها في يثرب ، ولم يشعر به أحد من أسرته بمكة وكان لهاشم أربعة بنين وهم : أسد، وأبو صيفي، ونضلة، وعبد المطلب. وخمس بنات وهي : الشفاء، وخالدة، وضعيفة، ورقية ، وجنة.
2- عبد المطلب _ قد علمنا مما سبق أن السقاية والرفادة بعد هاشم صارت إلى أخيه المطلب بن عبد مناف ( وكان شريفاً مطاعاً ذا فضل في قومه ، كانت قريش تسميه الفياض لسخائه ) ولما صار شيبة _ عبد المطلب _ وصيفاً أو فوق ذلك سمع به المطلب فرحل في طلبه ، فلما رآه فاضت عيناه ، وضمه ، وأردفه على راحلته ، فامتنع حتى تأذن له أمه ، فسألها المطلب أن ترسله معه ، فامتنعت فقال : إنما يمضي ألى ملك أبية ، وإلى حرم الله ،17- فأذنت له ،18- فقدم به مكه مردفه على بعيره فقال الناس : هذا عبد المطلب ،19- فقال ويحكم إنما هو *** أخي هاشم .. فأقام عنده حتى ترعرع ،20- ثم إن المطلب هلك بردمان من أرض اليمن ،21- فولي بعد عبد المطلب ،22- فأقام لقومه ما كان آباؤه يقيمون لقومهم ،23- وشرف في قومه شرفاً لم يبلغه أحد من آبائه وأحبه قومه ،24- وعظم خطره فيهم . ولما مات المطلب وثب نوفل على أركاح عبد المطلب فغصبه إياها فسأل رجالاً من قريش النصرة على عمه، فقالوا لا ندخل بينك وبين عمك . فكتب إلى أخواله من بني النجار أبياتاً يستنجدهم ، وسار خاله أبو سعد بن عدي في ثمانين راكباً حتى نزل بالأبطح من مكة ، فتلقاه عبد المطلب ، فقال : المنزل يا خال ! فقال : لا والله حتى ألقى نوفلا ، ثم أقبل فوقف نوفل ، وهو جالس في الحجر مع مشايخ قريش ، فسل أبو سعد سيفه وقال : ورب البيت لئن لم ترد على *** أختي ت أركاحه لأمكنن منك هذا السيف ، فقال : رددتها عليه ، فأشهد عليه مشايخ قريش ، ثم نزل عبد المطلب ، فأقام عنده ثلاثاً ، ثم اعتمر ورجع إلى المدينة ، فلما جرى ذلك حالف نوفل بني عبد شمس بن عبد مناف على بني هاشم ، ولما رأت خزاعة نصر بني النجار لعبد المطلب قالوا : نحن ولدناه كما ولدتموه ، فنحن أحق بنصره _ وذلك أن أم عبد مناف منهم _ فدخلوا دار الندوة ، وحالفوا بني هاشم على بني عبد شمس ونوفل ، وهذا الحلف الذي صار سبباً لفتح مكة كما سيأتي . ومن أهم ما وقع لعبد المطلب من أمور البيت شيئان : حفر بئر زمزم ووقعة الفيل ، وخلاصة الأول أنه أمر في المنام بحفر زمزم ووصف له موضعها ، فقام يحفر ، فوجد فيه الأشياء التي دفنها الجراهمة حين لجأوا إلى الجلاء ، أي السيوف والدروع والغزالين من الذهب ، فضرب الأسياف باباً للكعبة ، وضرب في الباب الغزالين وأقام سقاية زمزم للحجاج . ولما بدت بئر زمزم نازعت قريش عبد المطلب ، وقالوا له : أشركنا قال ما أنا بفاعل هذا أمر خصصت به ، فلم يتركوه حتى خرجوا به للمحاكمة إلى كاهنة بني سعد ولم يرجعوا حتى أراهم الله في الطريق ما دلهم على تخصيص عبد المطلب بزمزم ، وحينئذ نذر عبد المطلب لئن آتاه الله عشرة أبناء ، وبلغوا أن يمنعوه لينحرن أحدهم عند الكعبة . وخلاصة الثاني أن أبرهة الصباح الحبشي ، النائب العام عن النجاشي على اليمن لما رأى العرب يحجون الكعبة بني كنيسة كبيرة بصنعاء وأراد أن يصرف حج العرب إليها وسمع بذلك رجل من بني كنانة فدخلها ليلاً فلطخ قبلتها بالعذرة ولما علم أبرهة بذلك ثار غيظة وسار بجيش عرمرم عدده ستون ألف جندي _ إلى الكعبة ليهدمها واختار لنفسه فيلاً من أكبر الفيلة وكان الجيـــش ( 9 فيلة أو 13 فيلاً ) وواصل سيره حتى بلغ المغمس وهناك عبأ جيشه وهيأ فيله وتهيأ لدخول مكة فلما كان في وادي محسر بين المزدلفة ومنى برك الفيل ولم يقم ليقدم إلى الكعبة وكانوا كلما وجهوه الى الجنوب أو الشمال أو الشرق يقول يهرول ، وإذا صرفوه إلى الكعبة برك فبينا هم كذلك إذ أرسل الله عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ (5) وكانت الطير أمثال الخطاطيف والبلسان ، مع كل طائر ثلاثة أحجار ، حجر في منقارة ، وحجران في رجليه أمثال الحمص ، لا تصيب منهم أحداً إلا صار تتقطع أعضاؤه وهلك ، وليس كلهم أصابت ، وخرجوا هاربين يموج بعضهم في بعض فتساقطوا بكل بطريق وهلكوا على كل منهل وأما أبرهة فبعث الله عليه داء تساقطت بسببه أنامله ولم يصل إلى صنعاء إلا وهو مثل الفرخ وانصدع صدره عن قلبه ثم هلك . وأما قريش فكانوا قد تفرقوا في الشعاب وتحرزوا في رؤوس الجبال خوفاً على أنفسهم من معرة الجيش فلما نزل بالجيش ما نزل رجعوا إلى بيوتهم آمنين ،وكانت هذه الوقعة في شهر المحرم قبل مولد النبي بخمسين يوماً أو بخمسة وخمسي يوماً _ عند الأكثر _ وهو يطابق أواخر فبراير أو أوائل مارس سنة 571م وكانت تقدمة قدمها الله لنبية وبيته ، لأنا حين ننظر إلى بيت المقدس نرى أن المشركين من أعداء الله تسلطوا على هذه القبلة ، وأهلها مسلمون كما وقع لبختنصر سنة 587ق.م والرومان سنة 70م ، ولكن الكعبة لم يسيطر عليها النصارى _ وهم مسلمون إذ ذاك _ مع أن أهلها كانوا مشركين . وقد وقعت هذه الوقعة في الظروف التي يبلغ نبأها إلى معظم المعمورة المتحضرة إذ ذاك ، فالحبشة كانت لها صلة بالرومان ، والفرس لا يزالون لهم بالمرصاد ، يترقبون ما نزل بالرومان وحلفائهم ، ولذلك سرعان ما جاءت الفرس إلى اليمن بعد هذه الوقعة ، وهاتان الدولتان كانتا تمثلان العالم المتحضر .فهذه الوقعة لفتت أنظار العالم ودلته على شرف بيت الله ، وأنه هو الذي اصطفاه الله للتقديس ، فإذن لو قام أحد من أهله بدعوى النبوة كان ذلك هو عين ما تقتضيه هذه الوقعة وكان تفسيراً للحكمة الخفية التي كانت في نصرة الله المشركين ضد أهل الإيمان بطريق يفوق عالم الأسباب . وكان لعبد المطلب عشرة بنين وهم : الحارث وال**ير وأبو طالب ، وعبد الله ، وحمزة ، وأبو لهب ، والغيداق ، والمقوم ، وصفار، والعباس ، وقيل : كانوا أحد عشر فزادوا ولداً اسمه قثم ، وقيل كانوا ثلاثة عشر، فزادوا عبد الكعبة وحجلا ، وقيل إن عبد الكعبة هو المقوم ، وحجلا هو الغيداق ولم يكن من أولاده رجله اسمه قثم ، وأما البنات فست وهن :أم الحكيم _ وهي البيضاء _ وبرة وعاتكة وصفية وأروى وأميمة .
3- عبد الله والد النبي _ أمه فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عمران *** مخزوم بن يقظة بن مرة ، وكان عبد الله أحسن أولاد عبد المطلب وأعفهم وأحبهم إليه وهو الذبيح ، وذلك أن عبد المطلب تم أبناؤه عشرة ، وعرف أنهم يمنعونه أخبرهم بنذره فأطاعوه ، فكتب أسماءهم في القداح ، وأعطاهم قيم هبل ، فضرب القداح فخرج القدح على عبد الله ، فأخذه عبد المطلب ، وأخذ الشفرة ، ثم أقبل به إلى الكعبة ليذبحة ، فمنعته قريش ولاسيما أخواله من بني مخزوم وأخوه أبو طالب ، فقال عبد المطلب : فكيف أصنع بنذري فأشاروا عليه أن يأتي عرافة فيستأمرها ، فأتاها ، فأمرت أن يضرب القداح على عبد الله وعلى عشر من الإبل ، فإن خرجت على عبد الله يزيد عشراً من الإبل حتى يرضي ربه فإن خرجت على الإبل نحرها ، فرجع وأقرع بين عبد الله وبين عشر من الإبل فوقعت القرعة على عبد الله فلم يزل يزيد من الإبل عشراً عشراً ولا تقع القرعة إلا عليه إلى أن بلغت الإبل مائة فوقعت القرعة عليها ، فنحرت عنه ، ثم تركها عبد المطلب لايرد عنها انساناً ولا سبعاً وكانت الدية في قريش وفي العرب عشراً من الإبل فجرت بعد هذه الوقعة مائة من الإبل وأقرها الإسلام وروي عن النبي أنه قال أنا *** الذبيحين يعني إسماعيل وأباه عبد الله .
وأختار عبد المطلب لولده عبد الله آمنه بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب وهي يومئذ تعد أفضل امرأة في قريش نسباً وموضعاً ، وأبوها سيد بني زهرة نسباً وشرفاً ، فبنى بها عبد الله في مكة ، وبعد قليل أرسله عبد المطلب إلى المدينة يمتار لهم تمراً فمات بها ، وقيل : بل خرج تاجراً غلى الشام ، فأقبل في عير قريش ، فنزل بالمدينة وهو مريض فتوفي بها ، ودفن في دار النابغة الجعدي ، وله إذ ذاك خمس وعشرون سنه وكانت وفاته قبل أن يولد وبه يقول أكثر المؤرخين ، وقيل : بل توفي بعد مولده بشهرين .. ولما بلغ نعيه إلى مكة رثته آمنه بأروع المراثي ، قالت :
عفا جانب البطحاء من *** هاشم وجـاور لـحداً خارجاً في الغماغم دعته المـنايا دعـوة فأجـابهـا وماتركت في الناس مثل *** هاشم عشيـة راحـوا يحـملون سريره تعاوزه أصحابه في التزاحــــم فإن تك غالتـه المنـايا وريبـها فقد كـان معطاء كثير التـراحـم
وجميع ما خلفه عبد الله خمسة أجمال ، وقطعة غنم وجارية حبشية اسمها بركة وكنيتها أم أيمن ، وهي حاضنة رسول الله. | |
|
| |
~عطاء غانم~ .::المدير العام::.
مشاركاتي : 759
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه الثلاثاء يناير 19, 2010 8:10 am | |
| المولد النبوي
ولد سيد المرسلين بشعب بني هاشم بمكة في صبيحة يوم الاثنين التاسع من شهر ربيع الأول ، لأول عام من حادثة الفيل ، ولأربعين سنة خلت من ملك **رى أنوشروان ويوافق ذلك العشرين أو الثاني وعشرين من شهر أبريل سنة 571 حسبما حققه العالم الكبير محمد سليمان المنصور فوري والمحقق الفلكي محمود باشا .
وروى *** سعد أن أم رسول الله قالت: لما ولدته خرج من فرجي نور أضاءت له قصور الشام .
وروى أحمد عن العرباض بن سارية ما يقارب ذلك .
وقد روي أن إرهاصات بالبعثة وقعت عند الميلاد ، فسقطت أربع عشرة شرفة من إيوان **رى، وخمدت النار التي يعبدها المجوس ، وانهدمت الكنائس حول بحيرة ساوة بعد أن غاضت ، روي ذلك البيهقي ولا يقره محمد الغزالي .
ولما ولدته أمه أرسلت إلى جده عبد المطلب تبشره بحفيده ، فجاء مستبشراً ودخل به الكعبة ، ودعا الله وشكر له ، واختار له اسم محمد _ وهذا الاسم لم يكن معروفاً في العرب _ وختنه يوم سابعه كما كان العرب يفعلون ، وأول من أرضعته من المراضع _ بعد أمه _ ثويبة مولاة أبي لهب بلبن *** لها يقال له مسروح ، وكانت قد أرضعت قبله حمزة بن عبد المطلب ، وأرضعت بعده أبا سلمة بن عبد الأسد المخزومي .
في بني سعد
كانت العادة عند العرب أن يلتمسوا المراضع لأولادهم ابتعاداً لهم عن أمراض الحواضر ، لتقوى أجسامهم وتشتد أعصابهم ، ويتقنوا اللسان العربي في مهدهم ، فالتمس عبد المطلب لرسول الله الرضعاء ، واسترضع له امرأة من (بني سعد) *** بكر_ وهي حليمة بنت أبي ذؤيب _ وزوجها الحارث بن عبد العزى المكنى بأبي كبشة من نفس القبيلة و أخوته هناك من الرضاعة عبد الله بن الحارث ، وأنيسة بنت الحارث ، وحذافة أو جذامة بنت الحارث ( وهي الشماء _ لقب غلب على اسمها ) وكانت تحضن رسول الله وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ، *** عم الرسول .
وكان عمه حمزة بن عبد المطلب مسترضعاً في بني سعد بن بكر فأرضعت أمه رسول الله يوماً وهو عند أمه حليمة ، فكان حمزة رضيع رسول الله من وجهين من وجهة ثويبة ومن جهة السعدية .
ورأت حليمة من بركته ما قصت منه العجب ، ولنتركها تروي ذلك مفصلاً : قال *** إسحاق : كانت حليمة تحدث : أنها خرجت من بلدها مع زوجها و*** لها صغير ترضعه ، في نسوة من بني سعد بن بكر تلتمس الرضعاء قالت : وذلك في سنة شهباء لم تبق لنا شئياً قالت : فخرجت على أتان لي قمراء معنا شارف لنا والله ما تبض بقطرة وما ننام ليلنا أجمع صبينا الذي معنا ، من بكائه من الجوع ما في ثديي ما يغنيه وما في شارفنا ما يغذيه ولكن كنا نرجو الغيث والفرج ، فخرجت على أتاني تلك فلقد أدمت بالركب حتى شق ذلك عليهم ضعفاً وعجفاً حتى قدمنا مكة نلتمس الرضعاء فما منا امرأة إلا وقد عرض عليها رسول الله فتأباه إذا قيل لها إنه يتيم وذلك أنا كنا نرجو المعروف من ابي الصبي فكنا نقول : يتيم! وما عسى أن تصنع أمه وجده ! فكنا نكرهه لذلك فما بقيت امرأة قدمت معي إلا أخذت رضيعاً غيري فلما أجمعنا الانطلاق قلت لصاحبي : والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ولم آخذ رضيعاً والله لأذهبن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه قال : لا عليك أن تفعلي عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة . قالت : فذهبت إليه فأخذته ، وما حملني على أخذه إلا أني لم أجد غيره، قالت : فلما أخذته رجعت به إلى رحلي فلما وضعته في حجري أقبل عليه ثدياي بما شاء من لبن فشرب حتى روي ، وشرب معه أخوه حتى روي ثم نام ، وما كنا ننام معه قبل ذلك ، وقام زوجي إلى شارفنا تلك فإذا هي حافل ، فحلب منها ما شرب وشربت معه حتى انتهينا رياً وشبعاً ، فبتنا بخير ليلة ،قالت : يقول صاحبي حين أصبحنا : تعلمي والله يا حليمة ! لقد أخذت نسمة مباركة ، قالت : فقلت : والله إني لأرجو ذلك ، قالت : ثم خرجنا وركبت أنا أتاني ، وحملته عليها معي ، فو الله لقطعت بالركب ما لا يقدر عليه شئ من حمرهم ، حتى إن صواحبي ليقلن لي : يا ***ة أبي ذؤيب ، ويحك ! أربعي علينا ، أليست هذه أتانك التي كنت خرجت عليها ؟ فأقول لهن : بلى والله ! إنها لهي هي ، فيقلن : والله إن لها شأناً ، قالت: ثم قدمنا منازلنا من بلاد بني سعد وما أعلم أرضاً من أرض الله أجدب منها ، فكانت غنمي تروح على حين قدمنا به معنا شباعاً لبناً ، فنحلب ونشرب ، وما يحلب إنسان قطرة لبن ، ولا يجدها في ضرع حتى كان الحاضرون من قومنا يقولون لرعيانهم : ويلكم اسرحوا حيث يسرح راعي بنت أبي ذؤيب ، فتروح أغنامهم جياعاً ما تبض بقطـــرة لبن، وتروح غنمي شباعاً لبناً، فلم نزل نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته وكان يشب شباباً لا يشبه الغلمان ، فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاماً جفراً ، قالت : فقدمنا به على أمه ونحن أحرص على مكثه فينا ، لما كنا نرى من بركته ، فكلمنا أمه ، وقلت لها : لو تركت ***ي عندي حتى يغلظ ، فإني أخشى عليه وباء مكة ، قالت : فلم نزل بها حتى ردته معنا .
وهكذا بقي رسول الله في بني سعد حتى إذا كانت السنة الرابعة أو الخامسة من مولده وقع حادث شق صدره ، روى مسلم عن أنس أن رسول الله أتاه جبريل وهو يلعب مع الغلمان ، فأخذه فصرعه ، فشق عن قلبه ، فاستخرج القلب ، فا ستخرج منه علقة ، فقال : هذا حظ الشيطان منك ، ثم غسله في طست من ذهب بماء زمزم ، ثم لأمه ، ثم أعاده إلى مكانه وجاء الغلمان يسعون إلى أمه _ يعني ظئره _ فقالوا : إن محمداً قد قتل ، فا ستقبلوه وهو منتقع اللون .
إلى أمه الحنون
وخشيت عليه حليمة بعد هذه الوقعة حتى ردته إلى أمه ، فكان عند أمه إلى أن بلغ ست سنين .
ورأت آمنه وفاء لذكرى زوجها الراحل أن تزور قبره بيثرب فخرجت من مكة قاطعة رحلة تبلغ خمسمائة كيلومتراً ومعها ولدها اليتيم _ محمد وخادمتها أم أيمن وقيمها عبد المطلب ، فمكث شهراً، ثم قفلت ، وبينما هي راجعة إذ يلاحقها المرض ويلح عليها في أوائل الطريق ، فماتت بالأبواء بين مكة والمدينة .
| |
|
| |
~عطاء غانم~ .::المدير العام::.
مشاركاتي : 759
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه الثلاثاء يناير 19, 2010 8:11 am | |
| إلى جده العطوف
وعاد به عبد المطلب إلى مكة ، وكانت مشاعر الحنو في فؤاده تربو نحو حفيده اليتيم الذي أصيب بمصاب جديد نكأ الجروح القديمة ، فرق عليه رقة لم يرقها على أحد من أولاده فكان لا يدعه لوحدته المفروضة ، بل يؤثر على أولاده ، قال *** هشام : كان يوضع لعبد المطلب فراش في ظل الكعبة ، فكان بنوه يجلسون حول فراشه ذلك حتى يخرج إليه ، لا يجلس عليه أحد من بنيه إجلالاً له ، فكان رسول الله يأتي وهو غلام جفر حتى يجلس عليه ، فيأخذه أعمامه ليؤخروه عنه ، فيقول عبد المطلب إذا رأى ذلك منهم : دعوا ***ي هذا فو الله إن له لشأناً ، ثم يجلس معه على فراشه ، ويمسح ظهره بيده ويسره ما يراه يصنع .
ولثماني سنوات وشهرين وعشرة أيام من عمره توفي جده عبد المطلب بمكة ورأى قبل وفاته أن يعهد بكفالة حفيدة إلى عمه أبي طالب شقيق أبيه .
إلى عمه الشفيق
ونهض أبو طالب بحق *** أخيه على أكمل وجه ، وضمه إلى ولده ، وقدمه عليهم واختصه بفضل احترام وتقدير ، وظل فوق أربعين سنة يعز جانبه ويبسط عليه حمايته ويصادق ويخاصم من أجله ، وستأتي نبذ من ذلك في مواضعها.
يستسقي الغمام بوجهه
أخرج *** عساكر عن جلهمة بن عرفطة قال : قدمت مكة وهم في قحط فقالت قريش : يا أبا طالب ! أقحط الوادي ، وأجدب العيال ، فلهم فاستسق ، فخرج أبو طالب ومعه غلام ، كأنه شمس دجن ، تجلت عنه سحابة قثماء ، حوله أغيلمة ، فأخذه أبو طالب ، فألصق ظهره بالكعبة ،ولاذ بإصبعه الغلام ، وما في السماء قزعة ، فأقبل السحاب من ههنا وههنا وأغدودق وأنفجر الوادي وأخضب النادي والبادي وإلى هذا أشار أبو طالب حين قال : وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل
بحيرا الراهب
ولما بلغ رسول الله اثنتي عشرة سنة _ قيل وشهرين وعشرة أيام _ أرتحل به أبو طالب تاجراً إلى الشام ، حتى وصل إلى بصرى _ وهي معدودة من الشام وقصبة لحوران وكانت في ذلك الوقت قصبة للبلاد العربية التي كانت تحت حكم الرومان وكان في هذا البلد راهب عرف ببحيراً واسمه جرجيس فلما نزل الركب خرج إليهم وأكرمهم بالضيافة وكان لا يخرج إليهم قبل ذلك وعرف رسول الله بصفته فقال وهو آخذ بيده : هذا سيد العالمين ، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين : فقال أبو طالب : ما علمك بذلك ؟ فقال : إنكم حين أشرفتم من العقبة لم يبق حجر ولا شجر إلا وخر ساجداً ، ولا تسجد إلا لنبي وإني أعرفه بخاتم النبوة في أسفل غضروف كتفه مثل التفاحة ، وإنا نجده في كتبنا ، وسأل أبا طالب أن يرده ولا يقدم به إلى الشام خوفاً عليه من اليهود فبعثه عمه مع بعض غلمانه إلى مكة . حرب الفجار
ولخمس عشرة من عمره كانت حرب الفجار بين قريش ومن معهم من كنانة وبين قيس عيلان ، وكان قائد قريش وكنانة كلها حرب بن أمية لمكانته فيهم سناً وشرفاً وكان الظفر في أول النهار لقيس على كنانة ، حتى إذا كان في وسط النهار كان الظفر لكنانة على قيس .
وسميت بحرب الفجار لانتهاك حرمات الحرم والأشهر الحرم فيها وقد حضر هذه الحرب رسول الله وكان ينبل على عمومته أي يجهز لهم النبل للرمي .
حلف الفضول
وعلى أثر هذه الحرب وقع حلف الفضول في ذي القعدة في شهر حرام تداعت إليه قبائل من قريش : بنو هاشم ، وبنو المطلب ، وأسد بن عبد العزى ، وزهرة بن كلاب وتيم بن مرة ،فاجتمعوا في دار عبد الله بن جدعان التيمي لسنه وشرفه فتعاقدوا وتعاهدوا على أن لا يجدوا بمكة مظلوماً من أهلها وغيرهم من سائر الناس إلا قاموا معه وكانوا على من ظلمه حتى ترد عليه مظلمته وشهد هذا الحلف رسول الله وقال بعد أن أكرمه الله بالرسالة : لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلفاً ما أحب أن لي به حمر النعم ولو أدعى به في الإسلام لأجبت.
وهذا الحلف روحه تنافي الحمية الجاهلية التي كانت العصبية تثيرها ويقال في سبب هذا الحلف إن رجلاً من **يد قدم مكة ببضاعة واشتراها منه العاص بن وائل السهمي وحبس عنه حقه فاستعدى عليه الأحلاف عبد الدار ، ومخزوماً وجمحاً ، وسهماً وعدياً فلم يكترثوا له ، فعلا جبل أبي قبيس ونادى بأشعار يصف فيها ظلامته رافعاً صوته ، فمشي في ذلك ال**ير بن عبد المطلب وقال : ما لهذا مترك؟ حتى اجتمع الذين مضى ذكرهم في حلف الفضول ، فقاموا إلى العاص بن وائل فانتزعوا منه حق ال**يدي بعد ما أبرموا الحلف .
| |
|
| |
~عطاء غانم~ .::المدير العام::.
مشاركاتي : 759
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه الثلاثاء يناير 19, 2010 8:11 am | |
| حياة الكدح
ولم يكن له عمل معين في أول شبابه إلا أن الروايات توالت أنه كان يرعى غنماً رعاها في بني سعد وفي مكة لأهلها على قراريط وفي الخامسة والعشرين من سنه خرج تاجراً إلى الشام في مال خديجة رضي الله عنها .
قال *** إسحاق : كانت خديجة بنت خويلد امرأة تاجرة ذات شرف ومال تستأجر الرجال في مالها وتضاربهم إياه بشئ تجعله لهم وكانت قريش قوماً تجاراً فلما بلغها عن رسول الله ما بلغها من صدق حديثه وعظم أمانته وكرم أخلاقه بعثت إليه فعرضت عليه أن يخرج في مال لها إلى الشام تاجراً وتعطيه أفضل ما كانت تعطي غيره من التجار ، مع غلام لها يقال له ميسرة فقبله رسول الله منها وخرج في مالها ذلك وخرج معه غلامها ميسرة حتى قدم الشام . زواجه خديجة
ولما رجع إلى مكة ورأت خديجة في مالها من الأمانة والبركة ما لم تر قبل هذا وأخبرها غلامها ميسرة بما رأى فيه من خلال عذبة ، وشمائل كريمة وفكر راجح ومنطق صادق ونهج أمين .
وجدت ضالتها المنشودة _ وكان السادات والرؤساء يحرصون على زواجها فتأبى عليهم ذلك _ فتحدثت بما في نفسها إلى صديقتها نفيسة بنت منية وهذه ذهبت إليه تفاتحة أن يتزوج خديجة ، فرضي بذلك ، وكلم أعمامه فذهبوا إلى عم خديجة وخطبوها إليه وعلى إثر ذلك تم الزواج وحضر العقد بنو هاشم ورؤساء مضر ، وذلك بعد رجوعه من الشام بشهرين وأصدقها عشرين بكرة وكانت سنها إذ ذاك أربعين سنة ، وكانت يؤمئذ أفضل نساء قومها نسباً وثروة وعقلاً وهي أول امرأة تزوجها رسول الله ولم يتزوج عليها غيرها حتى ماتت .
وكل أولاده منها سوى إبراهيم ولدت له أولاً القاسم _ وبه كان يكنى _ ثم زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة وعبد الله وكان عبد الله يلقب بالطيب والطاهر ومات بنوه كلهم في صغرهم ، أما البنات فكلهن أدركن الإسلام فأسلمن وهاجرن ، إلا أنهن أدركتهن الوفاة في حياته ، سوى فاطمة رضي الله عنها فقد تأخرت بعده ستة أشهر ثم لحقت به .
بناء الكعبة وقضية التحكيم
ولخمس وثلاثين سنة من مولده قامت قريش ببناء الكعبة وذلك لأن الكعبة كانت رضماً فوق القامة ارتفاعها تسعة أذرع من عهد إسماعيل ولم يكن لها سقف فسرق نفر من اللصوص كنزها الذي كان في جوفها وكانت مع ذلك قد تعرضت باعتبارها أثراً قديماً _ للعوادي التي أوهت بنيانها وصدعت جدرانها ، وقبل بعثته بخمس سنين جرف مكة سيل عرم انحدر إلى البيت الحرام فأوشكت الكعبة منه على الانهيار فاضطرت قريش إلى تجديد بنائها حرصاً على مكانتها واتفقوا على أن لا يدخلوا في ننائها إلا طيباً فلا يدخلوا فيها مهر بغي ، ولا بيع ربا ، ولا مظلمة أحد من الناس وكانوا يهابون هدمها فابتدأ بها الوليد بن المغيرة المخزومي وتبعه الناس لما رأوا أنه لم يصبه شئ ولم يزالوا في الهدم حتى وصلوا إلى قواعد إبراهيم ثم أرادوا الأخذ في البناء فجزأوا الكعبة وخصصوا لكل قبيلة جزءاً منها فجمعت كل قبيلة حجارة على حدة وأخذوا يبنونها وتولى البناء بناء رومي اسمه باقوم ولما بلغ البنيان موضع الحجر الأسود اختلفوا فيمن يمتاز بشرف وضعه في مكانه واستمر النزاع أربع ليال أو خمساً واشتد حتى كاد يتحول إلى حرب ضروس في أرض الحرم إلا أن أبا أمية بن المغيرة المخزومي عرض عليهم أن يحكموا فيما شجر بينهم أول داخل عليهم من باب المسجد فارتضوه وشاء الله أن يكون ذلك رسول الله ، فلما رأوه هتفوا : هذا الأمين ،رضيناه هذا محمد فلما انتهى إليهم وأخبروه الخبر طلب رداء فوضع الحجر وسطه وطلب من رؤساء القبائل المتنازعين أن يمسكوا جميعاً بـأطراف الرداء وأمرهم أن يرفعوه حتى إذا أوصلوه إلى موضعه أخذه بيده فوضعه في مكانه وهذا حل حصيف رضي به القوم .
وقصرت بقريش النفقة فأخرجوا من الجهة الشمالية نحواً من ستة أذرع وهي التي تسمى بالحجر والحطيم ورفعوا بابها من الأرض لئلا يدخلها إلا من أرادوا ولما بلغ البناء خمسة عشر ذراعاً سقفوه على ستة أعمدة .
وصارت الكعبة بعد انتهائها ذات شكل مربع تقريباً يبلغ ارتفاعه 15 متراً وطول ضلعه الذي فيه الحجر الأسود والمقابل له 10، 10م والحجر موضوع علىارتفاع1.50م من أرضية المطاف والضلع الذي فيه الباب والمقابل له 12م وبابها على ارتفاع مترين من الأرض ويحيط بها من الخارج قصبة من البناء أسفلها ، متوسط ارتفاعها 0.25م ومتوسط عرضها 0.30 م وتسمى بالشاذروان وهي أصل البيت لكن قريشاً تركتها .
| |
|
| |
~عطاء غانم~ .::المدير العام::.
مشاركاتي : 759
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه الثلاثاء يناير 19, 2010 8:12 am | |
| السيرة الإجمالية قبل النبوة
إن النبي كان قد جمع في نشأته خير ما في طبقات الناس من ميزات وكان طرازاً رفيعاُ من الفكر الصائب والنظر السديد ونال حظاً وافراً من حسن الفطنة وأصالة الفكرة وسداد الوسيلة والهدف وكان يستعين بصمته الطويل على طول التأمل وإدمان الفكرة واستكناء الحق وطالع بعقله الخصب وفطرته الصافية صحائف الحياة وشؤون الناس وأحوال الجماعات فعاف ما سواها من خرافة ونأى عنها ثم عايش الناس على بصيرة من أمره وأمرهم فما وجد حسناً شارك فيه وإلا عاد إلى عزلته العتيدة فكان لا يشرب الخمر ، ولا يأكل مما ذبح على النصب ولا يحضر للأوثان عيداً ولا احتفالاً بل كان من أول نشأته نافراً من هذه المعبودات الباطلة حتى لم يكن شئ أبغض إليه منها وحتى كان لا يصبر على سماع الحلف باللات والعزى .
ولا شك أن القدر حاطه بالحفظ فعندما تتحرك نوازع النفس لاستطلاع بعض متع الدنيا وعندما يرضى بإتباع بعض التقاليد غير المحمودة تتدخل العناية الربانية للحيلولة بينه وبينها ، روى *** الأثير قال رسول الله: ما هممت بشئ مما كان أهل الجاهلية يعملون غير مرتين كل ذلك يحول الله بيني وبينه ثم ما هممت به حتى أكرمني برسالته، قلت ليلة للغلام الذي يرعى معي الغنم بأعلى مكة : لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل مكة وأسمر بها كما يسمر الشباب ! فقال : أفعل فخرجت حتى إذا كنت عند أول دار بمكة سمعت عزفاً فقلت ما هذا ؟ فقالوا : عرس فلان بفلانة فجلست أسمع فضرب الله على أذني فنمت فما أيقظني إلا حر الشمس فعدت إلى صاحبي فسألني فأخبرته ثم قلت ليلة أخرى مثل ذلك ،ودخلت بمكة فأص***ي مثل أول ليلة ثم ما هممت بسوء
روى البخاري عن جابر بن عبد الله قال : لما بنيت الكعبة ذهب النبي وعباس ينقلان الحجارة فقال عباس للنبي : اجعل إزارك على رقبتك يقيك من الحجارة فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء ثم أفاق فقال : إزاري إزاري فشد عليه إزاره وفي رواية فما رؤيت له عورة بعد ذلك .
وكان النبي يمتاز في قومه بخلال عذبة وأخلاق فاضلة وشمائل كريمة فكان أفضل قومه مروءة وأحسنهم خلقاً وأعزهم جواراً وأعظمهم حلماً وأصدقهم حديثاً وألينهم عريكة وأعفهم نفساً وأكرمهم خيراً وأبرهم عملاً وأوفاهم عهداً وآمنهم أمانة حتى سماه قومه (( الأمين )) لما جمع فيه من الأحوال الصالحة والخصال المرضية وكان كما قالت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها : يحمل الكل وي**ب المعدوم ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق .
في غار حراء
ولما تقاربت سنه الأربعين وكانت تأملاته الماضية قد وسعت الشقة العقلية بينه وبين قومه ، حبب إليه الخلاء فكان يأخذ السويق والماء ويذهب إلى غار حراء في جبل النور على مبعدة نحو ميلين من مكة _ وهو غار لطيف طوله أربعة أذرع وعرضه ذراع وثلاثة أرباع ذراع من ذراع الحديد _ ومعه أهله قريباً منه فيقيم فيه شهر رمضان يطعم من جاءه من المساكين ويقضي وقته في العبادة والتفكير فيما حوله من مشاهد الكون وفيما وراءها من قدرة مبدعة وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد الشرك المهلهلة وتصوراتها الواهية ولكن ليس بين يديه طريق واضح ولا منهج محدد ولا طريق قاصد يطمئن إليه ويرضاه .
وكان اختياره لهذه العزلة طرفا من تدبير الله له وليعده لما ينتظره من الأمر العظيم ولابد لأي روح يراد لها أن تؤثر في واقع الحياة البشرية فتحولها وجهة أخرى .
لابد لهذه الروح من خلوة وعزلة بعض الوقت وانقطاع عن شواغل الأرض وضجة الحياة وهموم الحياة وهموم الناس الصغيرة التي تشغل الحياة .
وهكذا دبر الله لمحمد وهو يعده لحمل الأمانة الكبرى وتغيير وجه الأرض وتعديل خط التاريخ : دبر له هذه العزلة قبل تكليفه بالرسالة بثلاث سنوات ينطلق في هذه العزلة شهراً من الزمان مع روح الوجود الطليقة ويتدبر ما وراء الوجود من غيب مكنون حتى يحين موعد التعامل مع هذا الغيب عندما يأذن الله .
جبريل ينزل بالوحي
ولما تكامل له أربعون سنة _ وهي رأس الكمال وقيل : ولها تبعث الرسل _ بدأت آثار النبوة تتلوح وتتلمع له من وراء آفاق الحياة وتلك الآثار هي الرؤيا فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح حتى مضت على ذلك ستة أشهر _ ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة ، فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءاُ من النبوة _ فلما كان رمضان من السنة الثالثة من عزلته بحراء شاء الله أن يفيض من رحمته على أهل الأرض فأكرمه بالنبوة وأنزل إليه جبريل بآيات من القرآن .
وبعد النظر والتأمل في القرائن والدلائل يمكن لنا أن نحدد ذلك اليوم بأنه كان يوم الاثنين لإحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلا ويوافق 10 أغسطس سنة 610م وكان عمره صلى الله عليه وسلم إذ ذاك بالضبط أربعين سنة قمرية وستة أشهر ، و12 يوماً وذلك نحو 39 سنة شمسية وثلاثة أشهر و12 يوماً .
ولنستمع إلى عائشة الصديقة رضي الله عنها تروي لنا قصة هذه الوقعة التي كانت شعلة من نور اللاهوت أخذت تفتح دياجير ظلمات الكفر والضلال حتى غيرت مجرى الحياة وعدلت خط التاريخ . فقالت عائشة رضي الله عنها :
أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه _ وهو التعبد _ الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال : اقرأ فقلت : ما أنا بقارئ ، فقال : فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ فقلت : ما انا بقارئ ، فأخذني فغطني الثالثة ، ثم أرسلني فقال اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) فرجع رسول الله يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد فقال : زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال لخديجة مالي وأخبرها الخبر لقد خشيت على نفسي فقالت خديجة كلا والله مايخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وت**ب المعدوم وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحق فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل *** أسد بن عبد العزى *** عم خديجة _ وكان امرؤ تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخاً كبيراً قد عمي _ فقالت له خديجة : يا *** عم ! اسمع من *** أخيك فقال له ورقة : يا *** أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله خبر ما رأى فقال له ورقة هذا الناموس الذي نزله الله على موسى يا ليتني فيها جذعاً ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك فقال رسول الله أو مخرجي هم ؟ قال نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي ...
روى الطبري و*** هشام مايفيد انه خرج من غار حراء بعدما فوجئ بالوحي ثم رجع وأثم جواره وبعد ذلك رجع إلى مكة ورواية الطبري تلقي ضوءاً على سبب خروجه وهاك نصها : قال رسول الله بعد ذكر مجئ الوحي : ولم يكن من خلق الله أبغض علي من شاعر أو مجنون كنت لا أطيق ان انظر إليهما قال : قلت : إن الأبعد _ يعني نفسه شاعر أو مجنون إلا تحدث بها عن قريش أبداً ! لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه فلأقتلنها ، فلأستريحن ! قال : فخرجت أريد ذلك حتى إذا كنت في وسط الجبل سمعت صوتاً من السماء يقول : يا محمد !! أنت رسول الله وأنا جبريل قال : فرفعت رأسي إلى السماء فإذا جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول : يا محمد! أنت رسول الله وأنا جبريل قال : فوقفت أنظر إليه وشغلني ذلك عما أردت فما أتقدم وما أتأخر وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك فمازلت واقفاً أتقدم أمامي ولا أرجع ورائي حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي حتى بلغوا مكة ورجعوا إليها وأنا واقف في مقامي ثم انصرف عني وانصرفت راجعا إلى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخذها مضيفاً إليها ( ملتصقاً بها مائلاً إليها ) فقالت : يا أبا القاسم ! أين كنت ؟ فو الله لقد بعثت في طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا إلي ثم حدثتها بالذي رأيت فقالت : أبشر يا *** عم واثبت فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ، ثم قامت فأنطلقت إلى ورقة وأخبرته فقال: قدوس قدوس والذي نفس ورقة بيده لقد جاء الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى وإنه لنبي هذه الأمة فقولي له : فليثبت فرجعت خديجة وأخبرته بقول ورقة فلما قضى رسول الله جواره وانصرف إلى مكة لقيه ورقة وقال بعد أن سمع منه خبره : والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى . فترة الوحي
أما مدة فترة الوحي فروى *** سعد عن *** عباس ما يفيد أنها كانت أياماً وهذا الذي يترجح بل يتعين بعد إدارة النظر في جميع الجوانب وأما ما اشتهر من أنها دامت طيلة ثلاث سنين أو سنتين ونصف فلا يصح بحال وليس هذا موضع التفصيل في رده .
وقد بقي رسول الله في أيام الفترة كئيباً محزوناً تعتريه الحيرة والدهشة فقد روى البخاري في كتاب التعبير ما نصه : وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي فيما بلغنا الحزن عدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منه تبدى له جبريل فقال : يا محمد إنك رسول الله حقاً فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي غداً لمثل ذلك فإذا أوفي بذروة الجبل تبدي له جبريل فقال له مثلك ذلك .
| |
|
| |
~عطاء غانم~ .::المدير العام::.
مشاركاتي : 759
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه الثلاثاء يناير 19, 2010 8:12 am | |
| السيرة الإجمالية قبل النبوة
إن النبي كان قد جمع في نشأته خير ما في طبقات الناس من ميزات وكان طرازاً رفيعاُ من الفكر الصائب والنظر السديد ونال حظاً وافراً من حسن الفطنة وأصالة الفكرة وسداد الوسيلة والهدف وكان يستعين بصمته الطويل على طول التأمل وإدمان الفكرة واستكناء الحق وطالع بعقله الخصب وفطرته الصافية صحائف الحياة وشؤون الناس وأحوال الجماعات فعاف ما سواها من خرافة ونأى عنها ثم عايش الناس على بصيرة من أمره وأمرهم فما وجد حسناً شارك فيه وإلا عاد إلى عزلته العتيدة فكان لا يشرب الخمر ، ولا يأكل مما ذبح على النصب ولا يحضر للأوثان عيداً ولا احتفالاً بل كان من أول نشأته نافراً من هذه المعبودات الباطلة حتى لم يكن شئ أبغض إليه منها وحتى كان لا يصبر على سماع الحلف باللات والعزى .
ولا شك أن القدر حاطه بالحفظ فعندما تتحرك نوازع النفس لاستطلاع بعض متع الدنيا وعندما يرضى بإتباع بعض التقاليد غير المحمودة تتدخل العناية الربانية للحيلولة بينه وبينها ، روى *** الأثير قال رسول الله: ما هممت بشئ مما كان أهل الجاهلية يعملون غير مرتين كل ذلك يحول الله بيني وبينه ثم ما هممت به حتى أكرمني برسالته، قلت ليلة للغلام الذي يرعى معي الغنم بأعلى مكة : لو أبصرت لي غنمي حتى أدخل مكة وأسمر بها كما يسمر الشباب ! فقال : أفعل فخرجت حتى إذا كنت عند أول دار بمكة سمعت عزفاً فقلت ما هذا ؟ فقالوا : عرس فلان بفلانة فجلست أسمع فضرب الله على أذني فنمت فما أيقظني إلا حر الشمس فعدت إلى صاحبي فسألني فأخبرته ثم قلت ليلة أخرى مثل ذلك ،ودخلت بمكة فأص***ي مثل أول ليلة ثم ما هممت بسوء
روى البخاري عن جابر بن عبد الله قال : لما بنيت الكعبة ذهب النبي وعباس ينقلان الحجارة فقال عباس للنبي : اجعل إزارك على رقبتك يقيك من الحجارة فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء ثم أفاق فقال : إزاري إزاري فشد عليه إزاره وفي رواية فما رؤيت له عورة بعد ذلك .
وكان النبي يمتاز في قومه بخلال عذبة وأخلاق فاضلة وشمائل كريمة فكان أفضل قومه مروءة وأحسنهم خلقاً وأعزهم جواراً وأعظمهم حلماً وأصدقهم حديثاً وألينهم عريكة وأعفهم نفساً وأكرمهم خيراً وأبرهم عملاً وأوفاهم عهداً وآمنهم أمانة حتى سماه قومه (( الأمين )) لما جمع فيه من الأحوال الصالحة والخصال المرضية وكان كما قالت أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها : يحمل الكل وي**ب المعدوم ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق .
في غار حراء
ولما تقاربت سنه الأربعين وكانت تأملاته الماضية قد وسعت الشقة العقلية بينه وبين قومه ، حبب إليه الخلاء فكان يأخذ السويق والماء ويذهب إلى غار حراء في جبل النور على مبعدة نحو ميلين من مكة _ وهو غار لطيف طوله أربعة أذرع وعرضه ذراع وثلاثة أرباع ذراع من ذراع الحديد _ ومعه أهله قريباً منه فيقيم فيه شهر رمضان يطعم من جاءه من المساكين ويقضي وقته في العبادة والتفكير فيما حوله من مشاهد الكون وفيما وراءها من قدرة مبدعة وهو غير مطمئن لما عليه قومه من عقائد الشرك المهلهلة وتصوراتها الواهية ولكن ليس بين يديه طريق واضح ولا منهج محدد ولا طريق قاصد يطمئن إليه ويرضاه .
وكان اختياره لهذه العزلة طرفا من تدبير الله له وليعده لما ينتظره من الأمر العظيم ولابد لأي روح يراد لها أن تؤثر في واقع الحياة البشرية فتحولها وجهة أخرى .
لابد لهذه الروح من خلوة وعزلة بعض الوقت وانقطاع عن شواغل الأرض وضجة الحياة وهموم الحياة وهموم الناس الصغيرة التي تشغل الحياة .
وهكذا دبر الله لمحمد وهو يعده لحمل الأمانة الكبرى وتغيير وجه الأرض وتعديل خط التاريخ : دبر له هذه العزلة قبل تكليفه بالرسالة بثلاث سنوات ينطلق في هذه العزلة شهراً من الزمان مع روح الوجود الطليقة ويتدبر ما وراء الوجود من غيب مكنون حتى يحين موعد التعامل مع هذا الغيب عندما يأذن الله .
جبريل ينزل بالوحي
ولما تكامل له أربعون سنة _ وهي رأس الكمال وقيل : ولها تبعث الرسل _ بدأت آثار النبوة تتلوح وتتلمع له من وراء آفاق الحياة وتلك الآثار هي الرؤيا فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح حتى مضت على ذلك ستة أشهر _ ومدة النبوة ثلاث وعشرون سنة ، فهذه الرؤيا جزء من ستة وأربعين جزءاُ من النبوة _ فلما كان رمضان من السنة الثالثة من عزلته بحراء شاء الله أن يفيض من رحمته على أهل الأرض فأكرمه بالنبوة وأنزل إليه جبريل بآيات من القرآن .
وبعد النظر والتأمل في القرائن والدلائل يمكن لنا أن نحدد ذلك اليوم بأنه كان يوم الاثنين لإحدى وعشرين مضت من شهر رمضان ليلا ويوافق 10 أغسطس سنة 610م وكان عمره صلى الله عليه وسلم إذ ذاك بالضبط أربعين سنة قمرية وستة أشهر ، و12 يوماً وذلك نحو 39 سنة شمسية وثلاثة أشهر و12 يوماً .
ولنستمع إلى عائشة الصديقة رضي الله عنها تروي لنا قصة هذه الوقعة التي كانت شعلة من نور اللاهوت أخذت تفتح دياجير ظلمات الكفر والضلال حتى غيرت مجرى الحياة وعدلت خط التاريخ . فقالت عائشة رضي الله عنها :
أول ما بدئ به رسول الله من الوحي الرؤيا الصالحة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء وكان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه _ وهو التعبد _ الليالي ذوات العدد قبل أن ينزع إلى أهله ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فيتزود لمثلها حتى جاءه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فقال : اقرأ فقلت : ما أنا بقارئ ، فقال : فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ، ثم أرسلني فقال : اقرأ فقلت : ما انا بقارئ ، فأخذني فغطني الثالثة ، ثم أرسلني فقال اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) فرجع رسول الله يرجف فؤاده فدخل على خديجة بنت خويلد فقال : زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال لخديجة مالي وأخبرها الخبر لقد خشيت على نفسي فقالت خديجة كلا والله مايخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتحمل الكل وت**ب المعدوم وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحق فانطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل *** أسد بن عبد العزى *** عم خديجة _ وكان امرؤ تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب وكان شيخاً كبيراً قد عمي _ فقالت له خديجة : يا *** عم ! اسمع من *** أخيك فقال له ورقة : يا *** أخي ماذا ترى ؟ فأخبره رسول الله خبر ما رأى فقال له ورقة هذا الناموس الذي نزله الله على موسى يا ليتني فيها جذعاً ليتني أكون حياً إذ يخرجك قومك فقال رسول الله أو مخرجي هم ؟ قال نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي ...
روى الطبري و*** هشام مايفيد انه خرج من غار حراء بعدما فوجئ بالوحي ثم رجع وأثم جواره وبعد ذلك رجع إلى مكة ورواية الطبري تلقي ضوءاً على سبب خروجه وهاك نصها : قال رسول الله بعد ذكر مجئ الوحي : ولم يكن من خلق الله أبغض علي من شاعر أو مجنون كنت لا أطيق ان انظر إليهما قال : قلت : إن الأبعد _ يعني نفسه شاعر أو مجنون إلا تحدث بها عن قريش أبداً ! لأعمدن إلى حالق من الجبل فلأطرحن نفسي منه فلأقتلنها ، فلأستريحن ! قال : فخرجت أريد ذلك حتى إذا كنت في وسط الجبل سمعت صوتاً من السماء يقول : يا محمد !! أنت رسول الله وأنا جبريل قال : فرفعت رأسي إلى السماء فإذا جبريل في صورة رجل صاف قدميه في أفق السماء يقول : يا محمد! أنت رسول الله وأنا جبريل قال : فوقفت أنظر إليه وشغلني ذلك عما أردت فما أتقدم وما أتأخر وجعلت أصرف وجهي عنه في آفاق السماء فلا أنظر في ناحية منها إلا رأيته كذلك فمازلت واقفاً أتقدم أمامي ولا أرجع ورائي حتى بعثت خديجة رسلها في طلبي حتى بلغوا مكة ورجعوا إليها وأنا واقف في مقامي ثم انصرف عني وانصرفت راجعا إلى أهلي حتى أتيت خديجة فجلست إلى فخذها مضيفاً إليها ( ملتصقاً بها مائلاً إليها ) فقالت : يا أبا القاسم ! أين كنت ؟ فو الله لقد بعثت في طلبك حتى بلغوا مكة ورجعوا إلي ثم حدثتها بالذي رأيت فقالت : أبشر يا *** عم واثبت فوالذي نفس خديجة بيده إني لأرجو أن تكون نبي هذه الأمة ، ثم قامت فأنطلقت إلى ورقة وأخبرته فقال: قدوس قدوس والذي نفس ورقة بيده لقد جاء الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى وإنه لنبي هذه الأمة فقولي له : فليثبت فرجعت خديجة وأخبرته بقول ورقة فلما قضى رسول الله جواره وانصرف إلى مكة لقيه ورقة وقال بعد أن سمع منه خبره : والذي نفسي بيده إنك لنبي هذه الأمة ولقد جاءك الناموس الأكبر الذي جاء موسى . فترة الوحي
أما مدة فترة الوحي فروى *** سعد عن *** عباس ما يفيد أنها كانت أياماً وهذا الذي يترجح بل يتعين بعد إدارة النظر في جميع الجوانب وأما ما اشتهر من أنها دامت طيلة ثلاث سنين أو سنتين ونصف فلا يصح بحال وليس هذا موضع التفصيل في رده .
وقد بقي رسول الله في أيام الفترة كئيباً محزوناً تعتريه الحيرة والدهشة فقد روى البخاري في كتاب التعبير ما نصه : وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي فيما بلغنا الحزن عدا منه مراراً كي يتردى من رؤوس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة جبل لكي يلقي نفسه منه تبدى له جبريل فقال : يا محمد إنك رسول الله حقاً فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي غداً لمثل ذلك فإذا أوفي بذروة الجبل تبدي له جبريل فقال له مثلك ذلك .
| |
|
| |
~عطاء غانم~ .::المدير العام::.
مشاركاتي : 759
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه الثلاثاء يناير 19, 2010 8:13 am | |
| جبريل ينزل بالوحي مرة ثانية
قال *** حجر : وكان ذلك ( أن انقطاع الوحي أياماً ) ليذهب ما كان وجده من الروع وليحصل له التشوف إلى العود فلما تقلصت ظلال الحيرة وثبتت أعلام الحقيقة وعرف معرفة اليقين أنه أضحى نبياً لله الكبير المتعال وأن ما جاءه سفير الوحي ينقل إليه خبر السماء وصار تشوفه وارتقابه لمجئ الوحي سبباً في ثباته واحتماله عندما يعود وجاءه جبريل للمرة الثانية .
روى البخاري عن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله يحدث عن فترة الوحي قال فبينا أنا أمشي سمعت صوتاً من السماء فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك الذي جاءني بحراء قاعد على كرسي بين السماء والأرض فجئت منه حتى هويت إلى الأرض فجئت أهلي فقلت : زملوني زملوني فرملوني فأنزل الله : يا أيها المدثر إلى قوله : فاهجر ثم حمي الوحي وتتابع .
استطراد في بيان أقسام الوحي
قبل أن نأخذ في تفصيل حياة الرسالة والنبوة نرى أن نتعرف أقسام الوحي الذي هو مصدر الرسالة ومدد الدعوة قال *** القيم _ وهو يذكر مراتب الوحي :
إحداها : الرؤيا الصادقة ، وكانت مبدأ وحيه .
الثانية : ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه كما قال النبي إن روح القدس نفث في روعي أنه لن تموت نفس حتى تستكمل رزقها فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ولا يحملنكم استبطاء الرزق على أن تطلبوه بمعصية الله فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته .
الثالثة : أنه كان يتمثل له الملك رجلاً فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول له وفي هذه المرتبة كان يراه الصحابة أحياناً .
الرابعة : أنه كان يأتيه في مثل صلصلة الجرس وكان أشده عليه فيلتبس به الملك حتى إن جبينه ليتفصد عرقاً في اليوم الشديد البرد وحتى أن راحلته لتبرك به إلى الأرض إذا كان راكبها ولقد جاء الوحي مرة كذلك وفخذه على فخذ زيد بن ثابت فثقلت عليه حتى كادت ترضها .
الخامسة : أنه يرى الملك في صورته التي خلق عليها فيوحي إليه ما شاء الله أن يوحيه وهذا وقع له مرتين كما ذكر الله ذلك في سورة النجم .
السادسة : ما أوحاه الله إليه وهو فوق السماوات ليلة المعراج من فرض الصلاة وغيرها .
السابعة : كلام الله له منه إليه بلا واسطة ملك كما كلم الله موسى بن عمران هذه المرتبة هي ثابتة لموسى قطعاً بنص القرآن وثبوتها لنبينا صلى الله عليه وسلم هو في حديث الإسراء .
وقد زاد بعضهم مرتبة ثامنة : وهي تكليم الله له كفاحاً من غير حجاب وهي مسألة خلاف بين السلف والخلف .
انتهى مع تلخيص يسير في بيان المرتبة الأولى والثامنة ، والحق أن هذه الأخيرة ليست بثابتة . | |
|
| |
~عطاء غانم~ .::المدير العام::.
مشاركاتي : 759
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه الثلاثاء يناير 19, 2010 8:14 am | |
| أمر القيام بالدعوة إلى الله وموادها
تلقى النبي أوامر عديدة في قولة تعالى يا أيها المدثر(1) قم فأنذر (2) وربك فكبر (3) وثيابك فطهر (4) والرجز فاهجر (5) ولا تمنن تستكثر (6) ولربك فاصبر أوامر بسيطة ساذجة في الظاهر ، بعيدة المدى والغاية ، قوية الأثر والفعل في الحقيقة ونفس الأمر .
1_ فغاية القيام بالإنذار أن لا يترك أحداً ممن يخالف مرضاة الله في عالم الوجود إلا وينذره بعواقبه الوخيمة حتى تقع رجفة وزلزال في قلبه وروعه .
2_ وغاية تكبير الرب أن لا يترك لأحد كبرياء في الأرض إلا وت**ر شوكتها وتقلب ظهراً لبطن ، حتى لا يبقى في الأرض إلا كبرياء الله تعالى .
3_ وغاية تطهير الثياب وهجران الرجز أن يبلغ في تطهير الظاهر والباطن وفي تزيكة النفس من جميع الشوائب والألواث إلى أقصى حد وكمال يمكن لنفس بشرية تحت ظلال رحمة الله الوارفة وحفظه وكلئه وهدايته ونوره حتى يكون أعلى مثل في المجتمع البشري تجتذب إليه القلوب السليمة وتحس بهيبته وفخامته القلوب الزائغة حتى ترتكز إليه الدنيا بأسرها وفاقا أو خلافاً .
4_ وغاية عدم الإستكثار بالمنة أن لا يعد فعالاته وجهوده فخيمة عظيمة بل لا يزال يجتهد في عمل بعد عمل ويبذل الكثير من الجهد والتضحية والفناء ثم ينسى كل ذلك بل يفنى بالشعور بالله بحيث لا يحس ولا يشعر بما بذل وقدم .
5_ وفي الآية الأخيرة إشارة إلى ما سيلقاه من أذى المعاندين من المخالفة والإستهزاء والسخرية إلى الجد والإجتهاد في قتله وقتل أصحابه وإبادة كل من التف حوله من المؤمنين يأمر الله تعالى أن يصبر على كل من ذلك بقوة وجلادة لا لينال حظاً من حظوظ نفسه بل لمجرد مرضاة ربه .
الله أكبر ما أبسط هذه الأوامر في صورتها الظاهرة وما أروعها في إيقاعاتها الهادئة الخلابة ولكن ما أكبرها وأفخمها وأشدها في العمل وما أعظمها إثارة لعاصفة هوجاء تحضر جوانب العالم كله وتتركها يتلاحم بعضها في بعض .
والآيات نفسها تشتمل على مواد الدعوة والتبليغ فالإنذار نفسه يقتضي أن هناك أعمالاً لها عاقبة سوأى يلقاها أصحابها ونظراً لما يعرفه كل أحد أن الدنيا لا يجازى فيها بكل ما يعمل الناس بل ربما لا يمكن المجازاة بجميع الأعمال . فالإنذار يقتضي يوماً للمجازاة غير أيام الدنيا وهو الذي يسمى بيوم القيامة ويوم الجزاء والدين وهذا يستلزم حياة أخرى غير الحياة التي نعيشها في الدنيا .
وسائر الآيات تطلب من العباد التوحيد الصريح وتفويض الأمور كلها إلى الله تعالى وترك مرضاة النفس ومرضاة العباد إلى مرضاة الله تعالى .
فإذن تتلخص هذه المواد في :
أ _ التوحيد .
ب _ الإيمان بيوم الآخرة .
ج _ القيام بتزكية النفس بأن تتناهى عن المنكرات والفواحش التي تفضي إلى سوء العاقبة وبأن تقوم باكتساب الفضائل والكمالات وأعمال الخير .
د _ تفويض الأمور كلها إلى الله تعالى .
هـ _ وكل ذلك بعد الإيمان برسالة محمد وتحت قيادته النبيلة وتوجيهاته الرشيدة .
ثم إن مطلع الآيات تضمنت النداء العلوي _ في صوت الكبير المتعال _ بانتداب النبي لهذا الأمر الجلل وانتزعه من النوم والتدثر والدفء إلى الجهاد والكفاح والمشقة يا أيها المدثر (1) قم فأنذر (2) كأنه قيل : إن الذي يعيش لنفسه قد يعيش مستريحاً أما أنت الذي تحمل هذا العبء الكبير فمالك والنوم ؟ وما لك والراحة ؟ ومالك والفراش الدافئ ؟ والعيش الهادئ ؟ والمتاع المريح ! قم للأمر العظيم الذي ينتظرك والعبء الثقيل المهيأ لك قم للجهد والنصب والكد والتعب . قم فقد مضى وقت النوم والراحة وما عاد منذ اليوم إلا السهر المتواصل والجهاد الطويل الشاق قم فتهيأ لهذا الأمر واستعد .
إنها لكلمة عظيمة رهيبة تنزعه من دفء الفراش في البيت الهادئ والحضن الدافئ لتدفع به في الخضم بين الزعازع والأنواء وبين الشد والجذب في ضمائر الناس وفي واقع الحياة سواء .
وقام رسول الله فظل قائماً بعدها أكثر من عشرين عاماً ! لم يسترح ولم يسكن ولم يعش لنفسه ولا لأهله قام وظل قائماً على دعوة الله يحمل على عاتقة العبء الثقيل الباهظ ولا ينوء به ، عبء الأمانة الكبرى في هذه الأرض ، عبء البشرية كلها ، عبء العقيدة كلها ، عبء الكفاح والجهاد في ميادين شتى ، عاش في المعركة الدائبة المستمرة أكثر من عشرين عاماً لا يلهيه شأن عن شأن في خلال هذا الأمد منذ أن سمع النداء العلوي الجليل وتلقى منه التكليف الرهيب .. جزاه الله عنا وعن البشرية كلها خير الجزاء .
وليس هذا الموقع إلى صورة مصغرة بسيطة من هذا الجهاد الطويل الشاق الذي قام به رسول الله خلال هذا الأمد .
أدوار الدعوة ومراحلها
يمكن أن نقسم عهد الدعوة المحمدية _ على صاحبها الصلاة والسلام والتحية _ إلى دورين يمتاز أحدهما عن الآخر تمام الامتياز وهما :
1 _ الدور المكي ، ثلاث عشرة سنة تقريباً .
2 _ الدور المدني ، عشر سنوات كاملة .
ثم يشتمل كل من الدورين على مراحل لكل منها خصائص تمتاز بها عن غيرها ويظهر ذلك جلياً بعد النظر الدقيق في الظروف التي مرت بها الدعوة خلال الدورين .
ويمكن تقسيم الدور المكي إلى ثلاث مراحل :
1 - مرحلة الدعوة السرية ، ثلاث سنين .
2 _ مرحلة إعلان الدعوة في أهل مكة ، من بداية السنة الرابعة من النبوة إلى أواخر السنة العاشرة .
3 _ مرحلة الدعوة خارج مكة ، وفشوها فيهم ، من أواخر السنة العاشرة من النبوة إلى هجرته إلى المدينة .
لمرحلة الأولى(جهاد الدعوة)
المرحلة الأولى ( جهاد الدعوة ) - ثلاث سنوات من الدعوة السرية
معلوم أن مكة كانت مركز دين العرب وكان بها سدنة الكعبة والقوام على الأوثان والأصنام المقدسة عند سائر العرب فالوصول إلى المقصود من الإصلاح فيها يزداد عسراً وشدة عما لو كان بعيداً عنها . فالأمر يحتاج إلى عزيمة لا تزلزلها المصائب والكوارث كان من الحكمة تلقاء ذلك أن الدعوة في بدء أمرها سرية ، لئلا يفاجئ أهل مكة بما يهيجهم .
| |
|
| |
~عطاء غانم~ .::المدير العام::.
مشاركاتي : 759
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه الثلاثاء يناير 19, 2010 8:14 am | |
| المرحلة الأولى ( جهاد الدعوة ) - الرعيل الأول
وكان من الطبيعي أن يعرض الرسول الإسلام أولاً على ألصق الناس به وآل بيته وأصدقائه فدعاهم الإسلام ودعا إليه كل من توسم فيه خيراً ممن يعرفهم ويعرفونه يعرفهم بحب الله الحق والخير ويعرفونه بتحري الصدق والصلاح فأجابه من هؤلاء _ الذين لم تخالجهم ريبة قط في عظمة الرسول وجلالة نفسه وصدق خبره- جمع عرفوا في التاريخ الإسلامي بالسابقين الأولين وفي مقدمتهم زوجة النبي أم المؤمنين خديجة بنت خويلد ، ومولاه زيد بن حارثه بن شرحبيل ال***ي و*** عمه على *** أبي طالب _ وكان صبياً يعيش في كفالة الرسول _ وصديقه الحميم أبو بكر الصديق أسلم هؤلاء في أول يوم من أيام الدعوة .
ثم نشط أبو بكر في الدعوة إلى الإسلام وكان رجلاً مألفاً محبباً سهلاً ذا خلق ومعروف وكان رجال قومه يأتونه ويألفونه لعلمه وتجارته وحسن مجالسته فجعل يدعو من يثق به من قومه ممن يغشاه ويجلس إليه فأسلم بدعائه عثمان بن عفان الأموي وال**ير بن العوام الأسدي وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص الزهريان وطلحة بن عبيد الله التيمي . فكان هؤلاء النفر الثمانية الذين سبقوا الناس هم الرعيل الأول وطليعة الإسلام .
ومن أوائل المسلمين بلال بن رباح الحبشي ، ثم تلاهم أمين هذه الأمة أبو عبيدة عامر بن الجراح من بني الحارث بن فهر ، وأبو سلمه بن عبد الأسد والأرقم بن أبي الأرقم المخزوميان ، وعثمان بن مظعون وأخواه قدامة وعبدالله ، وعبيدة بن الحارث بن المطلب بن عبد مناف ، وسعيد بن زيد العدوي وامرأتة فاطمة بنت الخطاب العدوية أخت عمر بن الخطاب وخباب بن الأرت وعبد الله بن مسعود الهذلي وخلق سواهم وأولئك هم السابقون الأولون وهم من جميع بطون قريش وعدهم *** هشام أكثر من أربعين نفراً . وفي ذكر بعضهم في السابقين نظر.
قال *** إسحاق ثم دخل الناس في الإسلام أرسالاً من الرجال والنساء حتى فشا ذكر الإسلام بمكة وتحدث به .
أسلم هؤلاء سراً وكان الرسول يجتمع بهم ويرشدهم إلى الدين متخفياً لأن الدعوة كانت لا تزال فردية وسرية وكان الوحي قد تتابع وحمى نزوله بعد نزول أوائل المدثر . وكانت الآيات وقطع السور التي تنزل في هذا الزمان آيات قصيرة ذات فواصل رائعة منيعة وإيقاعات هادئة خلابة تتناسق مع ذلك الجو الهامس الرقيق تشتمل على تحسين تزكية النفوس وتقبيح تلويثها برغائم الدنيا تصف الجنة والنار كأنهما رؤى عين تسير بالمؤمنين في جو آخر غير الذي فيه المجتمع البشري آنذاك .
لمرحلة الأولى ( جهاد الدعوة ) - الصلاة
وكان في أوائل ما نزل الأمر بالصلاة قال مقاتل بن سليمان : فرض الله في أول الإسلام الصلاة ركعتين بالغداة وركعتين بالعشي ، لقولة تعالى وسبح بحمد ربك بالعشي والإبكار وقال *** حجر : كان رسول الله قبل الإسراء يصلي قطعاً وكذلك أصحابه ولكن اختلف هل فرض شئ قبل الصلوات الخمس من الصلوات أم لا ؟ فقيل إن الفرض كانت صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها .انتهى .
وروى الحارث بن أسامة من طريق *** لهيعة موصولاً عن زيد بن حارثة : أن رسول الله في أول ما أوحي إليه أتاه جبريل فعلمه الوضوء فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من ماء فنضح بها فرجه .
وقد روى *** ماجة بمعناه . وروى نحوه عن البراء بن عا** و*** عباس وفي حديث *** عباس وكان ذلك من أول الفريضة .
وقد ذكر *** هشام أن النبي وأصحابة كانوا إذا حضرت الصلاة ذهبوا في الشعاب فاستخفوا بصلاتهم من قومهم وقد رأى أبو طالب النبي وعليا يصليان مرة فكلمهما في ذلك ولما عرف جلية الأمر أمرهما بالثبات .
المرحلة الأولى ( جهاد الدعوة ) - الخبر يبلغ قريش إجمالاً
يبدو بعد النظر في نواح شتى من الوقائع إن الدعوة _ في هذه المرحلة _ وإن كانت سرية وفردية لكن بلغت أنباؤها إلى قريش بيد أنها لم تكثرت بها .
قال محمد الغزالي : وترامت هذه الأنباء إلى قريش فلم تعرها اهتماماً ولعلها حسبت محمداً أحد أولئك الديانين الذين يتكلمون في الألوهية وحقوقها كما صنع أمية بن أبي الصلت وقس بن ساعدة وعمرو بن نفيل وأشباهم إلا أنها توجست خيفة من ذيوع خبره وامتداد أثره وأخذت ترقب على الأيام مصيره ودعوته .
مرت ثلاث سنين والدعوة لم تزل سرية وفردية وخلال هذه الفترة تكونت جماعة من المؤمنين تقوم على الأخوة والتعاون وتبليغ الرسالة وتمكينها من مقامها ثم تنزل الوحي يكلف رسول الله بمعالنته قومه ومجابهة باطلهم ومهاجمة أصنامهم . لمرحلة الثانية ( الدعوة جهاراً ) - أول أمر بإظهار الدعوة
أول مانزل بهذا الصدد قوله تعالى وأنذر عشيرتك الأقربين والسورة التي وقعت فيها الآية _ وهي سورة الشعراء _ ذكرت فيها أولاً قصة موسى عليه السلام من بداية نبوتة إلى هجرته مع بني إسرائيل ونجاتهم من فرعون وقومه وإغراق آل فرعون معه وقد اشتملت هذه القصة على جميع المراحل التي مر بها موسى عليه السلام خلال دعوة فرعون وقومه إلى الله .
أرى أن هذا التفصيل إنما جئ به حين أمر الرسول بدعوة قومه إلى الله ليكون أمامه وأمام أصحابه نموذجاً لما سيلقونه من التكذيب والإضطهاد حينما يجهرون بالدعوة وليكونوا على بصيرة من أمرهم منذ بداية دعوتهم .
ومن ناحية أخرى تشتمل هذه السورة على ذكر مآل المكذبين للرسل من قوم نوح وعاد ، وثمود ، وقوم إبراهيم ، وقوم لوط ، وأصحاب الأيكة _ علاوة ماذكر من أمر فرعون وقومه _ ليعلم الذين سيقومون بالتكذيب بما يؤول إليه أمرهم وبما سيلقون من مؤاخذة الله إن استمروا على التكذيب وليعرف المؤمنون أن حسن العاقبة لهم لا للمكذبين المرحلة الثانية ( الدعوة جهاراً ) - الدعوة في الأقربين
وأول ما فعل رسول الله بعد نزول هذه الآية دعا بني هاشم فحضروا ومعهم نفر من بني المطلب بن عبد مناف ، فكانوا خمسة وأربعين رجلاً . فبادره أبو لهب وقال : وهؤلاء هم عمومتك وبنو عمك فتكلم ودع الصبُاة واعلم أنه ليس لقومك بالعرب قاطبة طاقة وأنا أحق من أخذك فحسبك بنو أبيك وإن أقمت على ما أنت عليه فهو أيسر عليهم من أن يثب بك بطون قريش وتمدهم العرب فما رأيت أحداً جاء على بني أبيه بشر مما جئت به ، فسكت رسول الله ولم يتكلم في ذلك المجلس .
ثم دعاهم ثانية وقال الحمد لله أحمده وأستعينه وأومن به وأتوكل عليه . وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . ثم قال : إن الرائد لا يكذب أهله والله الذي لا إله إلا هو إني رسول الله إليكم خاصة وإلى الناس عامة والله لتموتن كما تنامون ولتبعثن كما تستيقظون ، ولتحاسبن بما تعملون ، وإنها الجنة أبداً أو النار أبداً فقال أبو طالب : ما أحب إلينا معاونتك وأقبلنا لنصيحتك وأشد تصديقنا لحديثك وهؤلاء بنو أبيك مجتمعون وإنما أنا أحدهم غير أني أسرعهم إلى ما تحب فامض لما أمرت به . فوالله لا أزال أحوطك وأمنعك غير أن نفسي لا تطاوعني على فراق دين عبد المطلب . فقال أبو لهب : هذه والله السوأة ، خذوا على يديه قبل أن يأخذ غيركم ، فقال أبو طالب : والله لنمنعه ما بقينا . | |
|
| |
~عطاء غانم~ .::المدير العام::.
مشاركاتي : 759
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه الثلاثاء يناير 19, 2010 8:15 am | |
| لمرحلة الثانية ( الدعوة جهاراً ) - على جبل الصفا
وبعد ما تأكد النبي من تعهد أبي طالب بحمايته وهو يبلغ عن ربه ، قام يوماً على الصفا فصرخ : يا صباحاه: فأجتمع إليه بطون قريش ، فدعاهم إلى التوحيد والإيمان برسالته وباليوم الآخر . وقد روى البخاري طرفاً من هذه القصة عن *** عباس . قال : لما نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين صعد النبي على الصفا فجعل ينادي يا بني فهر ! يا بني عدي ! لبطون قريش حتى اجتمعوا فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولاً لينظر ما هو ؟ فجاء أبو لهب وقريش . فقال : أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلاً بالوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي ؟ قالوا : نعم ، ما جربنا عليك إلا صدقاً ، قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد. فقال أبو لهب : تباً لك سائر اليوم . ألهذا جمعتنا ؟ فنزلت تبت يدا أبي لهب .
وروى مسلم طرفا آخر من هذه القصة عن أبي هريرة رضي الله عنه . قال : لما نزلت هذه الآية وأنذر عشيرتك الأقربين دعا رسول الله فعم وخص . فقال : يا معشر قريش أنقذوا أنفسكم من النار ، يا معشر قريش بني كعب ! أنقذوا أنفسكم من النار ، يا فاطمة بنت محمد . أنقذي نفسك من النار ، فإني والله لا أملك لكم من الله شيئاً إلا أن لكم رحماً سأبلها ببلالها .
هذه النصيحة العالية هي غاية البلاغ فقد أوضح الرسول لأقرب الناس إليه أن التصديق بهذه الرسالة هو حياة الصلات بينه وبينهم . وأن عصبية القرابة التي يقوم عليها العرب ذابت في حرارة هذا الإنذار الآتي من عند الله .
المرحلة الثانية ( الدعوة جهاراً ) - الصدع بالحق وردود فعل المشركين
ولم يزل هذا الصوت يرتج دويه في أرجاء مكة حتى نزل قوله تعالى : فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين فقام رسول الله يعكر على خرافات الشرك وترهاته ويذكر حقائق الأصنام وما لها من قيمة في الحقيقة ، يضرب بعجزها الأمثال ويبين بالبينات أن من عبدها وجعلها وسيلة بينه وبين الله فهو في ضلال مبين .
انفجرت مكة بمشاعر الغضب وماجت بالغرابة والاستنكار حين سمعت صوتاً يجهر بتضليل المشركين وعباد الأصنام كأنه صاعقة قصفت السحاب ، فرعدت وبرقت وزلزلت الجو الهادئ وقامت قريش تستعد لحسم هذه الثورة التي اندلعت بغتة ويخشى أن تأتي على تقاليدها وموروثاتها .
قامت لأنها عرفت أن معنى الإيمان بنفي الألوهية عما سوى الله ومعنى الإيمان بالرسالة وباليوم الآخر هو الانقياد التام والتفويض المطلق ، يحيث لا يبقى لهم خيار في أنفسهم وأموالهم فضلاً عن غيرهم . ومعنى ذلك انتفاء سيادتهم وكبريائهم على العرب التي كانت بالصبغة الدينيه وامتناعهم عن تنفيذ مرضاتهم أمام مرضاة الله ورسوله وامتناعهم عن المظالم التي كانوا يفترونها على الأوساط السافلة ، وعن السيئات التي كانا يجترحونها صباح مساء . عرفوا هذا المعنى فكانت نفوسهم تأبى عن قبول هذا الوضع المخزي لا لكرامة وخير بل يريد الإنسان ليفجر أمامه
عرفوا كل ذلك جيداً ولكن ماذا سيفعلون أما رجل صادق أمين ، أعلى مثل للقيم البشرية ولمكارم الأخلاق ، لم يعرفوا له نظيراً ولا مثيلاً خلال فترة طويلة من تاريخ الآباء والأقوام ؟ ماذا سيفعلون ؟ تحيروا في ذلك وحق لهم أن يتحيروا..... وبعد إدارة فكرتهم لم يجدوا سبيلاً إلا أن يأتوا إلى عمه أبي طالب ، فيطلبوا منه أن يكف *** أخيه عما هو فيه ، ورأوا لإلباس طلبهم لباس الجد والحقيقة أن يقولوا : إن الدعوة إلى ترك آلهتهم ، والقول بعدم نفعها وقدرتها سبة قبيحة وإهانة شديدة لها ، وفيه تسفيه وتضليل لآبائهم الذين كانوا على الدين ، وجدوا هذا السبيل فتسارعوا إلى سلوكها . | |
|
| |
الصقر الجارح انين باهر
مشاركاتي : 624
| |
| |
ابو ريان انين باهر
مشاركاتي : 794
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه السبت فبراير 06, 2010 3:17 pm | |
| | |
|
| |
~عطاء غانم~ .::المدير العام::.
مشاركاتي : 759
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه الجمعة فبراير 12, 2010 7:11 pm | |
| | |
|
| |
ابو ريان انين باهر
مشاركاتي : 794
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه السبت فبراير 13, 2010 11:33 am | |
| | |
|
| |
الصقر الجارح انين باهر
مشاركاتي : 624
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه السبت فبراير 13, 2010 11:41 am | |
| | |
|
| |
ابو ريان انين باهر
مشاركاتي : 794
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه الإثنين فبراير 15, 2010 1:32 pm | |
| | |
|
| |
كبرياء فتاة انين مشارك
مشاركاتي : 390
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه الخميس فبراير 18, 2010 5:55 pm | |
| | |
|
| |
الصقر الجارح انين باهر
مشاركاتي : 624
| موضوع: رد: السيره النبويه الشريفه الأحد مارس 07, 2010 6:24 pm | |
| | |
|
| |
| السيره النبويه الشريفه | |
|